فصل: تفسير الآية رقم (61):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل



.تفسير الآية رقم (61):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [61].
{وَمِنْهُمُ} أي: من الذين يحلفون بالله إنهم لمنكم، ومن أشدّ من اللامز في الصدقات إذ هم {الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ} أي: يسمع كل ما يقال له ويصدقه، ويعنون إنه ليس بعيد الغور، بل سريع الإغترار بكل ما يسمع.
قال أبو السعود: وإنما قالوه لأنه صلوات الله عليه كان لا يواجههم بسوء ما صنعوا، ويصفح عنهم حلماً وكراماً، فحملوه على سلامة القلب، وقالوا ما قالوا.
قال اللغويون: الأُذُن الرجل المستمع القابل لما يقال له، وصفوا به الواحد والجمع، فيقال: رجلٌ أذن، ورجالٌ أذن، فلا يثنى ولا يجمع، وإنما سموه باسم العضو تهويلاً وتشنيعاً، فهو مجاز مرسل، أطلق فيه الجزء على الكل مبالغة بجعل جملته، لفرط استماعه، آلة السماع، كما سمي الجاسوس عيناً لذلك، ونحوُه:
إذا ما بدت ليلَى فكلِّيَ أعينٌ ** وإن حدثوا عنها فكلِّي مسامعُ

وجعله بعضهم من قبيل التشبيه: بالأُذُن في أنه ليس فيه وراء الإستماع تمييز حق عن باطل.
قال الشهاب: وليس بشيء يعتد به. وقيل إنه على تقدير مضاف، أي: ذو أذن.
قال الشهاب: وهو مُذْهِب لرونقه. وقيل: هو صفة مشبهة من أذن إليه وله، كفرح: استمع. قال عَمْرو بن الأهيم:
فلما أنْ تسايرنا قليلاً ** أذنَّ إلى الحديثِ فَهُنَّ صُورُ

ولِقَعنب بن أم صاحب:
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحاً ** مني، وما سَمِعُوا من صالحٍ دَفَنُوا

صُمٌّ إذا سَمِعُوا خيراً ذكرتُ به ** وإن ذُكِرْتُ بشرٍّ عندهُمْ أَذِنُوا

وفي الحديث: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبيّ يتغنى بالقرآن».
قال أبو عبيد: يعني ما استمع الله لشيء كاستماعه لمن يتلوه، يجهر به.
وقوله عز وجل: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}، أي: استمعت. كذا في تاج العروس.
وعلى هذا فأُذن صفة بمعنى سميع ولا تجوّز فيه، ففيه أربعة أوجه.
وعطف قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ} عطف تفسير: لأنه نفس الإيذاء.
وقوله تعالى: {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} من إضافة الموصوف إلى الصفة للمبالغة، كرجل صدق، تريد المبالغة في الجودة والصلاح، كأنه قيل: نعم هو أذن، ولكن نِعْمَ الأذن أو إضافته على معنى في، أي: هو أذن في الخير والحق، وفيما يجب سماعه وقبوله، وليس بأذن في غير ذلك.
ودل عليه قراءة حمزة {ورحمة} بالجر عطفاً عليه، أي: هو أذن خير لكم ورحمة لا يسمع غيرهما ولا يقبله.
ثم فسر كونه أذن خير بقوله: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} قال القاشاني: هو بيان لينه صلى الله عليه وسلم وقابليته، لأن الإيمان لا يكون إلا مع سلامة القلب ولطافة النفس ولينها {وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} أي: يصدق قولهم في الخيرات، ويسمع كلامهم فيها ويقبله، {وَرَحْمَةٌ} أي: وهو رحمة {لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} أي: يعطف عليهم، ويرقّ لهم، فينجيهم من العذاب بالتزكية والتعليم، ويصلح أمر معاشهم ومعادهم، بالبر والصلة، وتعليم الأخلاق من الحلم والشفقة والأمر بالمعروف، باتباعهم إياه فيها، ووضع الشرائع الموجبة لنظام أمرهم في الدارين، والتحريض على أبواب البر بالقول والفعل، إلى غير ذلك. قاله القاشاني.
وقال غيره: أي: هو رحمة للذين أظهروا الإيمان منكم، معشر المنافقين، حيث يقبله، لا تصديقاً لكم، بل رفقاً بكم، وترحماً عليكم، ولا يكشف أسراركم، ولا يفضحكم، ولا يفعل بكم ما يفعل بالمشركين، مراعاة لما رأى تعالى من الحكمة في الإبقاء عليكم.
قال الشهاب: والمعنى هو أذن خير يسمع آيات الله ودلائله فيصدقها ويستمع للمؤمنين، فيسلم لهم ما يقولون، ويصدقهم، وهو تعريض بأن المنافقين أذن شر، يسمعون آيات الله ولا يثقون بها، ويسمعون قول المؤمنين، ولا يقبلونه وأنه صلى الله عليه وسلم لا يسمع أقوالهم إلا شفقة عليهم، لا أنه يقبلها لعدم تمييزه، كما زعموا.
وقال القاشاني في تفسيره: كانوا يؤذونه، صلوات الله عليه، ويغتابونه بسلامة القلب، وسرعة القبول والتصديق لما يسمع، فصدقهم في ذلك وسلّم وقال: هو كذلك، ولكن بالنسبة إلى الخير، فإن النفس الأبية والغليظة الجافية، والكزة القاسية التي تتصلب في الأمور، ولا تتأثر، غير مستعدة للكمال، إذ الكمال الْإِنْسَاْني لا يكون إلا بالقبول والتأثر، فكلما كانت النفس ألين عريكة، وأسلم قلباً، وأسهل قبولاً، كانت أقبل للكمال، وأشد استعداداً له.
وليس هذا اللين هو من باب الضعف والبلاهة الذي يقتضي الإنفعال من كل ما يسمع، حتى المحال، والتأثر من كل ما يرد عليه ويراه، حتى الكذب والشرور والضلال، بل هو من باب اللطافة، وسرعة القبول لما يناسبه من الخير والصدق، فلذلك قال: {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ} إذ صفاء الاستعداد، ولطف النفس، يوجب قبول ما يناسبه من باب الخيرات، لا ما ينافيه من باب الشرور، فإن الاستعداد الخيريّ لا يقبل الشر، ولا يتأثر به، ولا ينطبع فيه، لمنافاته إياه، وبعده عنه. انتهى.
لطائف:
الأولى: في قوله تعالى: {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ} أبلغ أسلوب في الرد عليهم، فإنه صدقهم في كونه أذناً، إلا أنه فسره بما هو مدح له، وثناء عليه.
قال الناصر: لا شيء أبلغ من الردّ عليهم بهذا الوجه، لأنه في الأول، إطماع لهم بالموافقة، ثم كرّ على طمعهم بالحسم، وأعقبهم في تنقصه باليأس منه.
ويضاهي هذا، من مستعملات الفقهاء، القول بالموجب، لأن في أوله إطماعاً للخصم بالتسليم، ثم بتّاً للطمع على قرب، ولا شيء أقطع من الإطماع ثم اليأس يتلوه ويعقبه. والله الموفق.
الثانية: اللام في قوله تعالى: {لِلْمُؤْمِنِينَ} مزيدة للتفرقة بين الإيمان المشهور، وهو الاعتراف، وبين الإيمان بمعنى التسليم والتصديق- قاله أبو السعود تبعاً للقاضي-.
قال الشهاب: يعني أن الإيمان بالله بمعنى الاعتراف والتصديق، يتعدى بالباء، فلذا قال بِاللهِ، والإيمان للمؤمنين بمعنى جعلهم في أمان من التكذيب بتصديقه لهم، لما علم من خلوصهم، متعد بنفسه، فاللام فيه مزيدة للتقوية.
الثالثة: قال أبو السعود: إسناد الإيمان إليهم بصيغة الفعل، بعد نسبته إلى المؤمنين بصيغة الفاعل المنبئة عن الرسوخ والاستمرار، للإيذان بأن إيمانهم أمر حادث ما له من قرار.
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ} أي: بما نقل عنهم من قولهم: {هُوَ أُذُنٌ} ونحوه {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: بما يجترئون عليه من إيذانه.
قال أبو السعود: وهذا اعتراض مسوق من قبله عزَّ وجلَّ على نهج الوعيد، غير تحت الخطاب.
وإيراده صلى الله عليه وسلم بعنوان الرسالة مضافاً إلى الاسم الجليل، لغاية التعظيم، التنبيه على أن أذيته راجعة إلى جنابه عزَّ وجلَّ، موجبة لكمال السخط والغضب. انتهى.
وقوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (62):

القول في تأويل قوله تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [62].
{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ}.
قال الزمخشري: الخطاب للمسلمين، وكان المنافقون يتكلمون بالمطاعن، أو يتخلفون عن الجهاد، ثم يأتونهم فيعتذرون إليهم، ويؤكدون معاذيرهم بالحلف ليعذرهم، ويرضوا عنهم، فقيل لهم: إن كنتم مؤمنين كما تزعمون، فأحق من أرضيتم الله ورسوله بالطاعة والوفاق. انتهى.
ولما كان الظاهر بعد العطف بالواو التثنية، وقد أُفْرِدَ، وَجَّهُوهُ:
بأن إرضاء الرسول إرضاءً لله تعالى لقوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}، فلتلازمهما جعلا كشيء واحد، فعاد عليهما الضمير المفرد، و{أَحَقُّ}، على هذا، خبر عنهما من غير تقدير.
أو بأن الضمير عائد إلى الله تعالى، و{أَحَقُّ} خبره، لسبقه.
والكلام جملتان، حذف خبر الجملة الثانية، لدلالة الأولى عليه، أي: والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك.
وسيبويه جعله للثاني، لأنه أقرب، مع السلامة من الفصل بين المبتدأ والخبر كقوله:
نَحْنُ بما عِنْدَنَا وَأَنْتَ بِمَا عِنْـ ** ـدَكَ رَاضٍ والرأيُ مُخْتَلِفُ

أو بأن الضمير لهما بتأويل [...] ما ذكر، أو كل منهما، وأنه لم يثن تأدباً لئلا يجمع بين الله وغيره في ضمير تثنية، وقد نهي عنه، على كلام فيه.
أو بأن الكلام في إيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم وإرضائه، فيكون ذكر الله تعظيماً له وتمهيداً، فلذا لم يخبر عنه، وخص الخبر بالرسول. قال الشهاب: وفيه تأمل. انتهى.
وقد عهد لهم القول بمثله في آيات كثيرة، وجواب الشرط مقدر يدل عليه ما قبله، وقراءة التاء على الالتفات، للتوبيخ.
وقوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (63):

القول في تأويل قوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} [63].
{أَلَمْ يَعْلَمُوا} أي: أولئك المنافقون.
قال أبو السعود: والإستفهام للتوبيخ على ما أقدموا عليه من العظيمة، مع علمهم بسوء عاقبتها.
وقرئ بالتاء على الإلتفات، لزيادة التقريع والتوبيخ أي: ألم يعلموا بما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم من فنون القوارع والإنذارات {أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا} أي: من يخالف الله ورسوله.
قال الليث: حاددته أي: خالفته، والمحاددة كالمجانبة والمعاداة والمخالفة، واشتقاقه من الحد، بمعنى الجهة والجانب، كما أن المشاقة من الشق بمعناه أيضاً، فإن كل واحد من المتخالفين والمتعادييْن في حدّ وشقّ، غير ما عليه صاحبه.
فمعنى: {يُحَادِدِ اللَّهَ} يصير في حدٍّ غير حدٍّ أولياء الله، بالمخالفة.
وقال أبو مسلم: المحادة مأخوذة من الحديد، حديد السلاح.
وقوله تعالى: {ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} أي: الذل والهوان الدائم. وقوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (64):

القول في تأويل قوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} [64].
{يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ} أي: في شأنهم، فإن ما نزل في حقهم، نازل عليهم {سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ} أي: من الأسرار الخفية، فضلاً عما كانوا يظهرونه فيما بينهم من أقاويل الكفر والنفاق.
ومعنى تنبئتها إياهم بما في قلوبهم، مع أنه معلوم لهم، وأن المحذور عندهم اطّلاع المؤمنين على أسرارهم، لا اطّلاع أنفسهم عليها أنها تذيع ما كانوا يخفونه من أسرارهم، فتنتشر فيما بين الناس، فيسمعونها من أفواه الرجال مذاعة، فكأنها تخبرهم بها.
والمراد بالتنبئة المبالغة في كون السورة مشتملة على أسرارهم، كأنها تعلم من أحوالهم الباطنة ما لا يعلمونه، فتنبئهم بها، وتنعي عليهم قبائحهم.
وقيل: معنى يحذر ليحذر، وقيل: الضميران الأولان للمؤمنين، والثالث للمنافقين، ولا يبالي بالتفكيك عند ظهور الأمر بعود المعنى إليه، أي: يحذر المنافقون أن تنزل على المؤمنين سورة تخبرهم بما في قلوب المنافقين. أفاده أبو السعود.
أجيب: ت: المنافق كافر، فكيف يحذر نزول الوحي على الرسول؟ أجيب: بأن القوم، وإن كانوا كافرين بدين الرسول، إلا أنهم شاهدوا أنه صلى الله عليه وسلم كان يخبرهم بما يكتمونه، فلهذه التجربة وقع الحذر والخوف في قلوبهم.
وقال الأصمّ: إنهم كانوا يعرفون كونه رسولاً صادقاً مدينه، الله، إلا أنهم كفروا به حسداً وعناداً.
وتعقبه القاضي بأن يبعد في العالم بالله وبرسوله وصحة دينه، أن يكون محادّاً لهما. لكن قال الرازي: هو غير بعيد، لأن الحسد إذا قوي في القلب، صار بحيث ينازع في المحسوسات. انتهى.
وقال أبو مسلم: هذا حذر أظهره المنافقون على وجه الإستهزاء حين رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر كل شيء، ويدعي أنه عن الوحي، وكان المنافقون يكذبون بذلك فيما بينهم، فأخبر الله رسوله بذلك، وأمره أن يعلمهم أنه يظهر سرهم الذي حذروا ظهوره، ولذلك قال تعالى: {قُلِ اسْتَهْزِئُوا} أي: بالله وآياته ورسوله، أو افعلوا الإستهزاء، وهو أمر تهديد: {إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} أي: مظهر بالوحي ما تحذرون خروجه من إنزال السورة، ومن مثالبكم ومخازيكم المستكنة في قلوبكم الفاضحة لكم، كقوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ} إلى قوله:
{وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}، ولهذا قال قتادة: كانت تسمى هذه السورة الفاضحة، فاضحة للمنافقين.

.تفسير الآية رقم (65):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [65].
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ} أي: عن إتيانهم بتلك القبائح المتضمنة للإستهزاء بما ذكر، {لَيَقُولُنَّ} أي: في الإعتذار، إنه لم يكن عن القلب حتى يكون نفاقاً وكفراً بل: {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ} أي: ندخل هذا الكلام لترويح النفس {وَنَلْعَبُ} أي: نمزح {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} أي: في ترويحكم ومزاحكم، ولم تجدوا لهما كلاماً آخر.